|
|
|
الدعوة عامة ولكن الدخول "غير مجاني"..
|
مقال للدكتور أحمد خيري العمري :
صحفي عربي مخضرم، يرأس تحرير جريدة عربية واسعة الانتشار تصدر في عاصمة غربية، كتب مقالاً في عموده الأسبوعي ينتقد فيه أثر الإعلام الغربي في إشاعة الانحلال الخلقي في المجتمعات العربية، المقال تحدث بشكل عام عن الإباحية والعنف المجاني الذي يمر بلا عقاب، وذكر فيما ذكر الشذوذ الجنسي.. وهذا الصحفي المخضرم – للعلم فقط- أبعد ما يكون عن الإسلاميين المتشددين ولكنه من بقايا الليبراليين الذين يملكون قيما اجتماعية والذين باتوا فصيلة معرضة لخطر الانقراض .
بعد فترة وجيزة جدا جاء رد من أحد القراء على المقال، الرد لم يناقش فكرة المقال المحورية من قريب أو من بعيد، لكنه اعترض فحسب على اللفظ الذي جاء فيه "الشذوذ الجنسي".. وقال كاتب الرد إن هذا اللفظ متحيز ومهين ويجب استبداله بكلمة "المثلية الجنسية" وفصّل في الفرق بين الاثنين، قائلاً إن العلاقة بينه وبين شريكه( ! )أبعد ما تكون عن العلاقة الجنسية فحسب بل هي علاقة حب بالدرجة الأولى!
رئيس التحرير من جهته رد على الرد قائلاً إنه لم يسمع بكلمة "المثلية الجنسية" من قبل، وإنه لا يعتقد أن القراء سيفهمون مالمقصود منها فيما لو استعملها، وكرر ما قاله في المقال الأول مستخدماً اللفظين (الشذوذ والمثلية) معا..
الأسماء التي أتحدث عنها هنا ليست سرية إطلاقا، فالصحفي المخضرم هو جهاد الخازن، والصحيفة هي الحياة اللندنية[i]، ولا أرى ضرورة لذكر اسم صاحب الرد، لكنه باختصار أمريكي من أصل عربي ويرأس جمعية لحقوق الشاذين والشاذات العرب.. والقصة كلها حدثت عام 1996..
ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أنه قبل أقل من عقد ونصف من اليوم كانت كلمة "المثلية الجنسية " غريبة جدا ونادرة الاستعمال لدرجة أن كاتباً من مستوى جهاد الخازن – أي لا يمكن لأحد التشكيك باطلاعه وقدراته اللغوية - كان يجهل وجود هذه الكلمة أصلاً..
واليوم صارت الكلمة رائجة جدا كما هو معلوم، وتستخدم ككلمة بديلة أحيانا عن لفظ الشذوذ الجنسي، أو بالترادف معها، وتستخدم أحيانا حتى من قبل المناهضين للشذوذ الجنسي والمحاربين له، بل إن بعض المواقع الإسلامية الرصينة صارت تستخدم هذا اللفظ..
هل هناك من سيقول إنها مجرد ألفاظ والمهم مدلولاتها و"لا مشاحّة في الاصطلاح"؟.. لا بالتأكيد، كل المشاحّة في الاصطلاح عندما يكون محملاً بالمعاني كما في هذه الحالة والفرق بين اللفظين أن الأول "الشذوذ" يحمل في داخله حكماً أخلاقيا وقيمياً يجعل سياق الجملة كلها متجها نحو هذا الحكم، فعندما نقول عن حالة ما أو عن شخص ما بأنه شاذ أو شاذة فإننا ضمنا نصدر حكما بالانحراف على هذا الشخص، نعزله عن المجتمع، باختصار نرفضه.. حكم الرفض ملازم للفظة الشاذ سواء كنا نتحدث عن شذوذ جنسي أو غير ذلك..
على العكس من هذا، كلمة المثلية والمثليين لا تحمل أي حكم أخلاقي.. إنها تبدو محايدة جدا، مجرد توصيف لما يسمونه الميل الجنسي للفرد، وهذا الحياد مهم جداً، الأمر ليس في لفظة بديلة أكثر حداثة، الأمر يملك تأثيراً كبيراً على العقل الجمعي، على اللاوعي الجمعي، فلفظ "المثلية" يجردنا بالتدريج من الرفض للحالة، ربما دون أن نشعر، وربما بشكل أوضح على الجيل الجديد الذي سينشأ وهو يسمع الكلمة.... وعيه وفهمه للأمر لن يكون مطابقاً على الإطلاق لمن نشأ وهو يسمع كلمة: الشذوذ المرتبطة بالانحراف.. بالإقصاء عن المجتمع..
وسيكون الأمر أكثر تأثيراً حتما للشخص المعني بالكلمة: لذلك الشخص الذي يعاني من اضطراب ما "نفسي وناتج عن ظروف تربوية غالباً" والذي لا يعرف في أي جهة عليه أن يذهب، كلمة الشاذ ستدفعه دفعاً إلى أن يحاول الطريق السوي، الطريق الطبيعي، أما كلمة "المثلي" فهي لن تملك نفس التأثير.. إن لم تكن تملك تأثيراً معاكسا إن ركزنا في سياق الاستعمال الأساسي لها: سياق التقبل الذي يدعون له.. وهكذا فإن الكلمة قد يكون لها أثر تشجيعي على الأقل ممن يعاني أصلاً من الاضطراب ويحتاج إلى الإرشاد الحاسم أكثر من الحياد المزعوم..
إذن هذا الحياد المرتبط بلفظة "المثلية" التي غزت معجم الاستخدام اليومي في العقد والنصف الأخير هو حياد مزيف في حقيقته، إنه يشبه نزع السلاح من المجتمع من جهة وإمداد الشذوذ بأسلحة خفية ومن نوع متطور..
فلنتذكر مرة أخرى أن اللفظ تسلل لنا بالتدريج، ولولا واقعة جهاد الخازن السابقة لكان من الصعب جداً أن يوثق تاريخ استخدامها ولا أعني هنا أن اللفظ أدخل الى اللغة العربية في هذا التاريخ لكني أركز أن استخدامه كان نادراً لدرجة أن صحفياً بوزن جهاد الخازن كان يجهله ويعتقد أن القراء لن يفهموه لو استخدمه..
شيوع اللفظ ، و في فترة وجيزة كهذه، هو أشبه بالقمة الصغيرة الطافية لجبل الجليد الغاطس ، غير المرئي تحت السطح ، رغم ضخامة حجمه ..إنه يدل على أن سورا منيعا – في لاوعي المجتمع المسلم- قد تم تليينه بالتدريج و احداث ثغرات كبيرة فيه ، و أن هذا لم يكن بلا سبب ، بل لمرحلة لاحقة يتم فيها قبول شيوع الامر ، بعدما انتقل من مرحلة الوصم بالرفض المتمثل في لفظ "الشذوذ" ،الى مرحلة التوصيف شبه المحايد..قد يتخيل البعض أن الأمر لا يستحق كل هذا و أن أسوارنا منيعة..لكن التعمق في مدلولات الأمر ستكشف عما لن يسر على الاطلاق ، مما يجب أن يدق صافرات الانذار في رؤوسنا..
ما الذي حدث خلال هذه الفترة، من 1996 الى اليوم.. حيث يندر جداً أن يُتطرًّق إلى الموضوع دون ذكر لفظ المثلية ولو بالترادف مع لفظ الشذوذ؟
أشياء كثيرة، لعل من أوضحها ذلك الانفجار الإعلامي الفضائي الذي غزا كل مجتمعاتنا، وكان من ضمن عناصره وجود قنوات رائجة جداً تخصصت في حمل مشروع التغريب والترويج لنمط الحياة الأمريكية ونجحت في ذلك حيث فشل قبلها المفكرون الليبراليون..
من ضمن برامج التسلية والترفيه(الافلام و المسلسلات) في هذه القنوات توجد الإشارات المتكررة إلى "شخص شاذ" وهي إشارات تبدو عابرة ولكنها تملك في الوقت ذاته تأثيراً مستديماً، وهذا الشخص الشاذ يقدَّم دوما على أنه "خفيف الدم" و"يمتلك ذوقا رفيعا في الطعام والملابس" وقد تستشيره البطلة في أمر عاطفي يخصها أو بشأن ما ترتديه! فلننتبه هنا إلى أن تقديم الشخص الشاذ في دور ثانوي سهَّل من تسلل الأمر: فلو كانت الشخصية الأساسية شاذة لربما كان هناك تحفظ من قبل البعض، ولربما تطلَّب الأمر وجود مشاهد حميمية قد تنتج مواقف رافضة بحسم ، لكن الأمر يتم بذكاء: لا مشاهد شاذة حميمية، إنه فقط صديق البطل أو البطلة، وهو صديق خفيف الظل ويحب المساعدة، كل ما في الأمر أن خياراته مختلفة.. هذه هي الرسالة الخفية ذات الأثر غير العابر..
أما البرامج الحوارية الجادة فقد تعاملت بطريقة أكثر مباشرة مع الموضوع، وتحت شعار "لا تهرب من مواجهة المشكلة" قُدِّم الموضوع بطريقة جعلت الشخصية الشاذة تقدم بطريقة تجعله أكثر قبولا: تم التركيز على مظلومية الشواذ ومعاناتهم، وكونهم أشخاصاً وُلدوا دون خيار هكذا.. وأنهم عدا عن "هذا الميل " فإنهم يعيشون حياتهم مثلهم مثل أي شخص سوي!
فلنتنبه هنا إلى أن هذه البرامج الحوارية تعطي مساحة معينة لرأي مغاير مضاد للشواذ، لكن ذلك لا يحول دون تحقيق الهدف الأساسي من الأمر: كسر الحاجز تجاه الشذوذ، تحويله من أمر شاذ، منحرف، إلى "مثلي".. مجرد خيار آخر قد لا تحبه ولا تريده لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه مرفوض كليا..
ولننتبه هنا إلى أن هذه البرامج الحوارية لا تصدَّر عادة الى بلدان أخرى تتحدث بلغة غير اللغة الإنكليزية.. أي لا توجد ترجمة صينية أو يابانية أو فلبينية أو بلغارية لبرامج الحوار "التوك شو" التي نراها نحن في بلادنا ومعها الترجمة في نفس الأسبوع الذي تظهر فيه في مصدرها الأصلي؟.. هل هي خدمة توصيل مجانية للمنازل ؟..أم أن الأمر لا يحتاج الى سؤال أصلا؟؟
مع مرور الوقت لان الحاجز الاجتماعي تجاه الأمر وتمكنت برامج الحوار العربية "المستنسخة بالمسطرة من برامج الحوار الغربية " من الدخول في نفس المواضيع وقد مهدت لها البرامج الغربية وخففت من وطأة الصدمة عند المتلقي، بدأنا بمواضيع حساسة لكنها تخص "الجنس السوي".. العلاقات غير الشرعية، العلاقات الزوجية، الخيانة الزوجية.. الخ، ثم دخلنا في مواضيع مثل "العادة السرية".. ثم وصلنا – كما هو متوقع - إلى الشذوذ الجنسي.. في البداية تمت استضافة هؤلاء من خلف ستارة تخفي وجوههم، ثم لان الحاجز إلى درجة سمحت لبعضهم بإظهار وجوههم وسط ترحيب المحاور الذي يشيد بشجاعته وجرأته "كما لو أنه فتح عكا !".. ويسأله "كيف سيكون رد فعل أهلك وأصدقائك؟.. فيرد الشاذ بشموخ: أتمنى أن يتقبلوني كما أنا!" ( وما أنت أصلاً لكي يتقبلوك أو لا يتقبلوك ؟!)....
( في الحلقة الوحيدة التي نكبت بمشاهدتها و ظهر فيها الضيف الشاذ كاشفا عن وجهه وهويته تساءلت ان كان أن ظهوره هذا جزء من خطة لطلب اللجوء الى احدى الدول الغربية التي توفر اللجوء السريع و الطارئ للشاذين المضطهدين في بلدانهم ..و بما ان الضيف الشاذ مواطن في دولة تحكم بالسجن على من يمارس الشذوذ فهل سيكون القرص الذي يعرض الحلقة وثيقة حاسمة في ملف طلب اللجوء ؟.. نسمع أحيانا أن بعض اسوياء الميول قد بلغ بهم اليأس من الاوضاع في بعض دولنا الى التظاهر بالشذوذ فقط لغرض الحصول على اللجوء في الدول الغربية..ألن يكون ذلك دافعا اكبر للشاذين فعلا؟؟ )
أحب أن أتوقف هنا قليلا عند البرامج الحوارية واستضافاتها، لم يعد سراً أن بعض هذه البرامج مفبركة تماما، وأقصد هنا أن الجمهور نفسه لا يكون جمهوراً حقيقياً، بل جمهوراً مستأجراً بمواصفات معينة، ويدفع له لقاء حضوره وتصفيقه ومشاركته، وقد عرف الأمر عبر فضائح لمحاورين معروفين لا أريد لقلمي أن يذكر أسماءهم أو أسماءهن.. وبما أنه قد اتضح أن الجمهور هو " كومبارس" مدفوع الثمن، فبعض الاستضافات تكون مدفوعة الثمن من باب أولى وهذا ليس مجرد استنتاج رغم منطقيته، فقد انتشر الأمر أيضا عبر فضيحة أخرى معروفة، حيث تمت استضافة بعض المومسات تحت شعار "تسليط الضوء على آفة اجتماعية".. ثم اتضح أنهن لسن مومسات وأنهن مجرد فتيات من الجمهور مدفوع الثمن، وأنهن حصلن على ثمن أكثر لقاء تلقينهن ما سيقلنه في الاستضافة ( والوجوه مخفية طبعا).. من الأمور المحزنة في هذا أن الأجر الإضافي تضمن الحصول على وجبة غداء.. هكذا يتم استغلال ف! قر وجوع البعض لتمرير رسالة مثل " إن المومس تحصل في ليلة واحدة على أكثر مما ستحصل عليه الشريفة في ثلاثة أشهر، وأنها لا تبدو تعيسة جدا كما قد يتخيل المرء، وأن بعضهن ينتمين لطبقة راقية وأن عملهن هذا هو مجرد مهنة كأي وظيفة أخرى"! هذا ما لقنه لهن المخرج حسب ما اعترفن لاحقا ، و طلبت منهن المحاورة المعروفة أن يقمن بأضافات من عندهن!
ضمن نفس السياق ما الذي يمنع أن يكون الضيف الشاذ الذي كشف عن وجهه هو أيضا ممثل مدفوع الثمن؟ لا شيء طبعا.. فلكل شيء ثمنه، والسؤال هو هل هدف البرامج الحوارية الإثارة فقط من أجل رفع نسب المشاهدة، وبالتالي الحصول على نسبة أكبر من الكعكة الإعلانية، أم أن الأمر أكبر من ذلك و إنه جزء من أجندة إعلامية ورسالة أكبر بكثير من مجرد "المزيد من الربح"؟.. قصة نشوء بعض هذه القنوات وارتباطاتها ستجيب فورا عن هذا السؤال..
نفس الأمر وبشكل أوضح يخص مواقع ومدونات الشاذين باللغة العربية على الشبكة وقد تزايد عددها مؤخرا ، ما أدرانا أصلا أن هؤلاء يمثلون شخصيات حقيقية؟ كيف يمكن أن نتحقق من ذلك في عالم هو عالم افتراضي أصلا؟.. لم لا يكون الأمر مرتبطا بعدد أقل مثلا يريد أن يظهر بحجم أكبر ولن يكلف ذلك أكثر من وضع أسماء مستعارة على مدونات هي مجانية أصلا..؟ بل ألا يمكن أن يكون ذلك جزءا من ما يعرف بسياسة المدونات blog diplomacy التي كشفت صحيفة الواشنطون بوست (عدد 19/11/2007) أن وزارة الخارجية الأمريكية ! تستخدمها حيث وظفت فريق عمل متكامل يجيد العربية بلهجاتها المتعددة ولا وظيفة له سوى ترك التعليقات في المواقع العربية الأكثر انتشارا وتأثيرا بعد دراسة عميقة للتأثير المحتمل لكل تعليق.. التوقيع طبعا لن يكون بالاسم الصريح أو بالتوصيف الوظيفي.. بل باسم مستعار يوحي أن الشخص هو ابن المنطقة، والهدف واضح، فإعادة تشكيل الرأي العام تتطلب أن يكون هناك من يجهر بآراء مخالفة لهذا الرأي العام.. ومن ثم تتوفر ظروف إضافية لنمو هذا الرأي.. وهنا يقوم فريق العمل هذا بمهمة الجهر بالنيابة عن الآخرين، وبعد أن يمزج الرأي الجديد ببعض النعرات هنا وهناك التي تجعل هذا الطرف يتحمس مع أو ضد، وبعدها لا نستبعد أن نجد بعض التعليقات الجديدة قد أضيفت من قبل أشخاص حقيقيين.. وهكذا.. ويمكن حمل ما قالته الواشنطون بوست والذهاب إلى أحد المواقع العربية الشهيرة ومتابعة التعليقات هناك، سنجد أن هناك " نمطا متكررا" في التعليقات والتعليقات على التعليقات وهو نمط يمكن أن يكون أي شيء باستثناء أن يكون عشوائيا...
لا أقصد هنا أن نفس فريق العمل في وزارة الخارجية يقوم بالعمل في مدونات الشواذ، فتقرير الواشنطون بوست حدد مهمة فريق العمل بتحسين صورة أمريكا.. ولكن في عالم افتراضي كعالم الشبكة الرقمية، كيف يمكن التحقق من أي شيء؟ خاصة و أن إنشاء مدونة وملؤها بالموضوعات المتشابهة والمنقولة لن يستغرق سوى دقائق.. هل هذا كثير عندما نتحدث عن أجندة تدعمها مافيا عالمية تريد وضع العالم كله في الخزانة ؟
فلنتذكر هنا أن الانتقال من لفظ الشذوذ الجنسي الى لفظ المثلية في اللغة الانكليزية تطلب وقتا أطول بكثير مما يبدو أنه تطلب معنا، ففي المعجم اليومي كانت كل الألفاظ التي تشير إلى الشذوذ تحمل أحكاما أخلاقية تقصي السلوك الشاذ وتعزله، و تعتبر من ألفاظ السباب والإهانة أصلا.. تطور الأمر بالتدريج من كلمة poofter وfaggot وbatty ( وكلها الآن كفيلة بإدخال من يقولها السجن أو بمقاضاته على الأقل لو قالها تمييزاً ضد الشواذ ) حتى تكرست كلمة الـ gay التي لم تكن مستعملة حتى الستينات من القرن الماضي، والتي هي ليست محايدة بالمناسبة بل تحمل معنى إيجابياً، ذلك أنها تعني الانشراح والفرح..!!
في أي مرحلة من ذلك نحن بالذات؟ يبدو أننا ندخل جحر الضب الذي حذرنا عليه الصلاة والسلام من دخوله.. على باب جحر الضب هذا لافتات ملونة تعدنا بعالم مرفَّه وسعيد.. واللافتات تقول أيضا: إن الدعوة عامة للجميع، وإن الدخول مجاني.. والحقيقة أن الدعوة عامة فعلا لكن الدخول ليس مجانيا على الإطلاق .. بل ثمنه باهظ جدا.. ثمنه يُدفع مما لا يمكن أن يقاس أو يحدد بسعر..
سيسأل بعضهم بحيرة: ما الشيء الباهظ الذي لا يمكن تحديد ثمنه؟ هل هناك شيء كهذا فعلاً؟.. و هو سؤال يعني أنهم لم يدخلوا جحر الضب فحسب ، بل ان حجر الضب دخل فيهم..و صار كل عالمهم..
أما السؤال الأجدر بالطرح هنا: هل يدخل من يدخل وهو ممتلك لإرادته فعلا؟ أم أنه يقيد ويدخل قسرا؟
الإجابة عن هذا السؤال ستتطلب مقالا آخر إن شاء الله..
[i] المقال الاول نشر في الحياة عدد 9 فبراير 1996 و الرد نشر في 3 مارس 1996.
|
|
|
|
|
جاري التحميل ...
|
|
|