بنات وأبناء العم الكرام: يمكن لمن يود دفع صدقة الفطر أو زكاة المال لصندوق العائلة، الاتصال مع أحد أبناء العم: غسان 0932215552 ، مؤيد 0933241214 والتنسيق معهم. جزاكم الله كل خير، وكل عام وأنتم بخير. لجنة عائلة القدسي الحسيني.
نرحب بكم في موقع عائلة القدسي الحسيني في مدينة دمشق.
نرحب بمساهماتكم البناءة، سواء كانت مقالات فكرية أو أدبية أو شعرية، أو أخبار وطرائف جديدة.

بحث عن مهنة
بحث عن اسم
 بنات عمي محمد كامل، د. لينا وهانية القدسي حجاً مبروراً : امل القدسي   |   إليك يابنت العم مها أم ياسين أحلى الدعوات وأصدقها، مباركة قدوم حفيدك الجديد (عبد الله بن بشار حباب)، أقر الله عيونكم به، وأمدك بالصحة والعافية : امل بنت مكرم   |   إلى الشباب والشابات، أبناء العم الذين بدؤوا عامهم الجامعي الأول courage : امل القدسي   |   أولادي: مبروك نجاح المعتز بالله بن محمد ماهر في البكالوريا التجاري، ونجاح ممدوح بن محمد ماجد في البكالوريا العلمي : جمانا المهدي   |   ألف مبروك ياهانية ( أم هيثم ) نجاجك بالبكالوريا : لينا القدسي   |   ألف مبروك بمناسبة نجاح أختي هانية بشهادة البكالوريا : زياد القدسي   |   مبارك لإبن العم عبد الرحمن بن رضوان القدسي نجاحه في البكالوريا بدرجات عالية : علا القدسي   |   مبارك نجاح أبناء صادق القدسي/ لينا في البكالوريا/ وجعفر ومحمد في التاسع : الدكتور أيسر القدسي   |   ألف مبروك نجاح نور فاطمه بنت محمد ماهر في الثانوبه التجارية، وكل أبناء وبنات العم جميعاً : المعتز بالله    |   تحية إلى آل القدسي، تحية إلى عائلتي المحترمة، وأنا سعيدة بوجودي معكم، وأتمنى التواصل معكم : رنيم قدسي   |   نشكر كل من ساهم في إنجاز هذا العمل الرائع الجميل.، والتقدير العالي للسادة الذين عملوا على إنجاز هذا الموقع، لأنه بالفعل مفخرة لعائلة القدسي و عز وشموخ و تكريم لنا جميعاً، والشكر الجزيل والتقدير لكل من عمل في هذا الموقع، أنا سعيد جداً بكم، والله شئ جداً عظيم، سلامي إلى كل أفراد عائلة القدسي و أولاد العم الكرام في دمشق الحبيبة و حلب : محمد عيسى محمد مصطفى القدسي الحسيني / القدس فلسطين   |   سلامي إلى جميع عائلة القدسي في دمشق و حلب، ابن عمكم من القدس مقيم في إيطاليا. Aalkasswara@alice.it : محمد عيسى محمد مصطفى القدسي الحسيني / القدس فلسطين   |   ألف ألف مبروك التخرج حبيبتي وصديقتي هنادي بنت هاني، وإن شاء الله منشوفك عروس : ولاء ريحاوي   |   ألف مبروك لأختي هالة القدسي بالمولود الجديد تيم منصور : هنادي هاني القدسي   |   حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً، تقبل الله طاعتكم الأخت الحاجة سناء القدسي وزوجها سامر القصار : سهله القدسي   |   أتقدم لأبناء العم بالتهاني القلبية بمناسبة عيد الأضحى المبارك, كل عام والجميع بألف خير : الدكتور أيسر القدسي   |   أهنئ ابنتي علا بنجاحها بالصف التاسع الشرعي بعلامات جيدة، وأرجو لها دوام التقدم والنجاح : أم علا محمد محمد نادر القدسي    |   أبارك نجاح ضياء القدسي إلى الصف السابع : عمة سوسو   |   إهداء للقائمين على الموقع، "كلمة شكر" على التطور الملحوظ، وإلى الأمام دائماً إن شاء الله، ونداء لأبناء وبنات العم "كلمة عتاب" لافتقادنا لمساهماتهم ومشاركاتهم في موقعهم هذا : محمد   |   أبارك لأختي سناء حفيدها اللذيذ، عقبال الجميع، سهلة القدسي :    |   أبارك لأسرة الموقع التعديلات الأخيرة التي أجرتها على الموقع، مع تمنيات التوفيق والنجاح : مهند أورفلي :    | 
  مساهمات القراء

حوار على هامش تكريم أحمد خيري العمري

حوار مع الدكتور أحمد خيري العمري :

( على هامش التكريم الذي سيعقد يوم 19 نيسان الجاري ، سيصدر كتاب ” أحمد خيري العمري ، صانع الانفاق” و هو الكتاب الذي يضم مقالات عن العمري و بحوث مهداة له من كتاب مختلفين ، و العنوان مقتبس من عنوان مقال الدكتور محمد عباس الذي أطلق هذا الوصف على العمري ، و يضم الكتاب أيضا حوارا مطولا و جريئا و صريحا جدا ، نقتطف من هذا الحوار بعض الاسئلة و أجوبتها ….)

حاورته: سهير علي أومري

1- بين أعلام كبار كرمتهم دار الفكر على مدى سنوات ماضية كالبوطي والزحيلي والمسيري…. وغيرهم يأتي اسمك هذا العام لتكون أول كاتب تكرمه دار الفكر وهو في أواخر الثلاثينات من العمر، فهلا حدثتنا لو سمحت عن هذا التكريم مبينا ما يعنيه بالنسبة لك؟

لا أوهام لدي حول هذا التكريم… لست بحجم الأسماء التي كرمت من قبل، ولن أكون بحجمها لمجرد أني لحقتها بالتكريم… إنني أكرم في سياق تكريم الشباب وهذا يضع النقاط فوق حروفها .. في الوقت نفسه، تكريم الأسماء التي ذكرت كان مجرد تحصيل حاصل ضمن حدث ثقافي نظمته دار الفكر، ولا أظن أن التكريم كان الأول لأي منهم، أي إن سجل إنجازاتهم كان فيه ما فيه بحيث أن التكريم كان مجرد “تكريم آخر”..

بالنسبة لي، الأمر مختلف، ليس فقط لأنه تكريمي الرسمي الأول، بل لأنه يأتي كتشجيع ودعم وإسناد من قبل دار الفكر لي أو لنتاجي بالأحرى.. وهو أمر أتشرف به بل و أنوء بحمله على ظهري..

لا أنفي أيضا أن توقيت التشجيع جاء في وقت كنت بحاجة له جدا..

قلت الآن إن هذا التكريم هو تكريمك الرسمي الأول هل لك أن توضح لنا ماذا تعني بذلك؟

قصدت أن كل كاتب يأخذ تكريمه أولا من القراء، وهو أمر لا شكوى عندي منه إطلاقا أما التكريم الرسمي فيرتبط بمعطيات أكثر تعقيدا وتتعلق في جزء منها برسالة المؤسسة مانحة التكريم و حساباتها، و قد تتعارض هذه أحيانا مع رسالة الكاتب أو خطه..

لا أنكر سعادتي بالتكريم الرسمي كما أسلفت، لكن لو كان هذا التكريم قد جاء دون تكريم القراء من قبل، فإني كنت سأشعر أن في الأمر مجاملة ما أو تعويضاً ما..

على العكس من هذا ، أشعر أن هذا التكريم ، يكرّم ضمنا كل القراء الذين سبق لهم ودعموني..



2- أنت كاتب ومفكر إسلامي: لم تدرس العلوم الشرعية، ولم تتخرج من جامعة إسلامية، ولم تتتلمذ على يد شيخ أو داعية، ولم يكن والدك عالماً ولا شيخ طريقة ولا حتى جدك أو أحدٌ من أفراد عائلتك!!! أليس هذا أمراً غير مألوف بين مفكري عالمنا الإسلامي ودعاتهم!! ماذا تقول في ذلك؟

نعم أنه أمر نادر جدا، باستثناء أنه حدث مثلا مع واحد من أكثر المفكرين الإسلاميين تأثيرا في القرن المنصرم : “سيد قطب “، وهو نادر جدا رغم أنه حدث أيضا مع رائد فكر النهضة الإسلامي مالك “بن نبي” الذي لم يتلق التعليم الشرعي، وهو نادر أيضا رغم أن “العقاد” الذي أثرى المكتبة الإسلامية بعدد من الكتب لم يقدمه الكثيرون من أصحاب الشهادات الشرعية.

هذا بخصوص الدراسة الشرعية، أما تكملة السؤال عن كون والدي لم يكن عالما شرعيا ولا جدي..الخ ، فهو سؤال مؤسف، الفكر الإسلامي يا سيدتي ليس محلا للعطارة في السوق القديم، و هو ليس حرفة أو صنعة يعلم الاب أسرارها لابنه.. قد يكون الأمر مختلفا قليلا بالنسبة للعلم الشرعي فهناك بيئة معينة قد يساهم وجود الوالد في تمريرها لابنه ..لكن علينا أن نميز تماما بين “العالم الديني”- أو الشيخ كما يسمى في بعض البلدان- و بين المفكر الإسلامي..

على كل لا أعرف مفكرا إسلاميا كان والده أو جده مفكرا إسلاميا كذلك..و إن كنت تعرفين أحدا فيرجى إبلاغي بذلك..



3- وُلدتَ في بغداد ونشأت و كبرت فيها ثم كان سقوط بغداد على يد المحتل الأمريكي، فغادرتها إلى دمشق، وهناك بُحت بألمك لسقوط بغداد بملحمة أسطورية بعنوان: “ليلة سقوط بغداد” وبعدها توجهت إلى أمريكا لتستقر في أحضانها… دون أن تكلّ أو تمل من تعداد مثالبها ورصد نقاط ضعفها قيماً معاشة وأساليب حياة… الأمر الذي جعل الكثيرين يرون في ما فعلت ازدواجية سلوكية وغير منطقية فما قولك عن هذا الأمر؟

أولا ،لم أغادر بغداد بعد سقوطها، بل بقيت فيها ثلاث سنوات بعد السقوط وغادرتها بعد انفجار العنف الطائفي الذي كان أحد نتائج السقوط و تداعياته، وكتابي “ليلة سقوط بغداد” كتب و صدر أثناء وجودي في بغداد..

ثانيا ، لم “أستقر” في أحضان أمريكا ، بل إني لم أدق مسمارا على الحائط فيها، إنني أعمل في سفارة دولة عربية شقيقة، وجواز سفري لا يزال عراقيا، ولم أحاول الحصول على سواه رغم توفر إمكانية ذلك في أمريكا خصوصا، لكني ببساطة لا أود لأولادي أن يكبروا فيها، و تجربة العمل والدراسة في أمريكا هي تجربة مهمة بالنسبة لي على الصعيد المهني والثقافي، لكنها تجربة محدودة بعقد عمل ودراسة سيأتي أوان انتهائها قريبا..و ربما قبل نشر هذا الحوار!

ثالثا، ما أراه غير منطقي، أن أكتب عن أمريكا، ثم أتهيب من زيارتها عندما تسنح الفرصة، كما لو أني أخشى على نفسي منها، ها أنذا، أكتب من أمريكا بعد أكثر من سنة من زيارتي لها، زادت التجربة رؤيتي نضجا، وثوابتي يقينا..

كلي ثقة أن هؤلاء أنفسهم هم الذين قالوا قبل ذلك إني أنتقد امريكا رغم أني لم أزرها!! أو في قول آخر “لأني” لم أزرها..!!

الحل الوحيد مع هؤلاء هو إلقامهم بحجر اللامبالاة والمزيد من الإنتاج والعمل الدوؤب..


4- واجهتَ القيم الأمريكية بكل جرأة وقوة، ورصدتَ ملامح الشيخوخة في هذه الحضارة، وقرعتَ في أذهاننا ناقوس الخطر محذراً منبهاً مرة معنفاً موبخاً مرات أخرى خشية الانقياد وراء هذه الحضارة أو محاولة تقليدها أو الشعور بالنقص تجاهها، فهل تعرضتَ بسبب هذا الأسلوب لمواجهات ما من أبناء هذه الحضارة أو تهديدات أو ملاحقات أو تعطيل لمصالحك وخاصة أنك تقيم بينهم؟!!

لا، ليس بعد على الأقل.. ونقدي يصب غالبا على جوانب حضارية مختلفة يتحدث فيها أبناء هذه الحضارة أنفسهم سواء كانوا من اليمين أو اليسار..

لكن هل هذا سؤال صحفي أم أنه تحريض بصيغة سؤال؟؟


5- عادة التصنيف عادة متأصلة فينا كبشر عامة وكعرب خاصة، فما إن يلتقِ أحدنا بآخر أو يقرأ لكاتب حتى يضع على جبهته لصاقة يعنون بها اتجاهاته، ويحدد بها انتماءاته، فينظر إليه من خلالها، ويتعامل معه وفقها، فهل يصلح أن تكون كاتباً فوق التصنيف أم يمكن أن تقدم لنا نفسك وفق التصنيف الذي تراه لتوفر على المصنفين جهودهم؟

قبل أن أجيب عن هذا السؤال أستدرك على الصيغة الاعتذارية التي قدمتِ بها، كما لو أن التصنيف تهمة علينا أن نعتذر و نبرر قبل أن نسأل عنها.. أرى أن التصنيف أمر طبيعي جدا، وما هو غير طبيعي هو هذا الاعتذار عنه، ما دمتِ لا تصنفين الناس بناء على لونهم أو أعراقهم، بل على نتاجهم و اختياراتهم، فلا ضير أبدا من التصنيف، بل الضير هو أن نبتعد عن التصنيف..

في الوقت نفسه لا أعتقد وجود من هو فوق التصنيف، و لكن أؤمن بوجود تصنيفات جديدة وخانات شاغرة لم تملأ بعد، أي إن من قد يبدو أنه خارج التصنيف لفترة ما فإنه سرعان ما يجد تصنيفا ولصاقة ما يضعها على جبهته..

شخصيا أنا سعيد بلصاقتي كمفكر إسلامي، لأنها تعبر فعلا عن نتاجي وخياري، لكني أستدرك أن بعض نتاجي لا يزال خارج التصنيف، و هو شيء مؤقت كما أسلفت..


6- من الشائع في مجتمع التأليف والفكر في عالمنا الإسلامي أن يولد فيها مفكرون يبدؤون صغاراً بمؤلفات صغيرة ثم يكبرون، أما بالنسبة لك فقد ولدت كبيراً بضخامة أول مؤلَّف أبدعه عقلك وفكرك ألا وهو “البوصلة القرآنية” الذي كان ضخماً في المضمون ضخماً في الفكر ضخماً في الكمّ لدرجة أن كثيرين ممن قرؤوه أنكروا أن يكون كاتبه شاباً في مثل سنك، وكانوا مصرين أن عمرياً آخر ربما يكون صاحبه أو أن أحداً ما كتبه لك، فما السر الكامن وراء هذه الولادة غير العادية؟

ليس سرا أن “مجتمع التأليف و الفكر في عالمنا الاسلامي” –كما أسميته- ليس في أفضل أحواله حاليا، وبالتالي فإن كل ما هو شائع فيه لا يعبر بالضرورة عن حالة صحية.

شخصيا لا أؤمن بجدوى “الولادة بالتقسيط” ولا أعتقد أنها تعبر فعلا عن الواقع لكل من يرغب بالتغيير فعلا، و بغض النظر عن ضخامة حجم الكتاب، فإن أهم المفكرين يبدؤون بكتب كبيرة حتى لو لم تكن ضخمة الحجم، و هذا لا يعني أنني أضع نفسي معهم ولكني أؤكد أن ما هو شائع وسائد يخص الكتابات المكررة فحسب، و ليس الكتاب الذين يتركون تأثيرا على المدى البعيد، كما أن علينا أن نتذكر هنا أن كبار الكتاب ربما بدؤوا نتاجهم بعرض أفكارهم في بعض المشاكل الجزئية التي يمكن أن تحلل وتشخص بكتاب “صغير ” حجما كبير مضمونا..

فيما يخص البوصلة، فالكتاب كما وصفته إحدى القارئات المثقفات اللواتي أعتز بهن “جملة واحدة تمتد من أول الكتاب إلى آخره”، وهذا صحيح …. إنه يمثل رؤيتي الأساسية التي لم يكن من الممكن أن أقدمها بالتقسيط أو التجزئة لأن ذلك كان سيفسدها حتما..

البوصلة يتجه بشكل شمولي إلى مشكلة تاريخية، و أي اختزال في عرض المشكلة وأسبابها سيكون تبسيطا مخلا لها..

فيما يخص ما ذكرت من إنكار البعض كوني الكاتب، فقد مررت بثلاث مراحل من رد الفعل تجاه هذا، أولا: عددت الأمر مزحة، ثانيا: عندما تبين لي لاحقا أنهم جادون انزعجت، اليوم أرى الأمر كما لو كان ثناءً جميلا بحق الكتاب، لقد عبروا عن إعجابهم بالكتاب بطريقة مميزة : أنكروا إمكانية أن يكون كاتبه في الثلاثينات من العمر.. و يعني ذلك ضمنا أنهم معجبون جدا بالكتاب.


7- بنظرة سريعة إلى تاريخك ونشأتك هل لك أن تعدد لنا لو سمحت العوامل التي ساعدت على تكوينك الفكري والثقافي مبيناً الأشخاص والمواقف التي كان لها التأثير الأكبر في وصولك إلى ما أنت فيه اليوم؟

نشأت في أسرة تنتمي للطبقة الوسطى العراقية،كان لها دور في الحركة الوطنية العراقية في فترة الاحتلال البريطاني، وكان ذلك من الجهتين، أي من أسرة والدي وأسرة والدتي، كبرت على حكايات ثورة العشرين وثورة 1941 والحلم القومي لاحقا.. ولعل ولادتي ونشأتي في فترة انكسار هذا الحلم والإحباطات التي تعرض لها المناضلون القدامى قد فتح وعيي على وجود “تناقضات ” في النضال ضد “الاحتلال” من جهة واستيراد معاييره ومظاهر حياته..

لا يمكنني أن أنكر أن اعتزاز الأسرة باللقب العمري وبانتسابها إلى عمر بن الخطاب قد ترك أثرا كبيرا في داخلي.. كان عمر بن الخطاب بطلا من أبطال طفولتي حتى قبل أن أستطيع فهم واستيعاب دوره الحقيقي، محاولتي الأولى لقراءة عبقرية عمر كانت عندما كنت في الصف الثاني الابتدائي.. لكني تنبهت مبكرا إلى أن اعتزاز بعض الأقارب باللقب وبمكانة عمر بن الخطاب كان اعتزازا أجوف بما أنه لم يكن مصاحبا دوما بالتزام يمنح هذا الاعتزاز المصداقية، و لعل ذلك فتح عيني على اعتزاز الأمة بماض عريق لم تمنحه حقه في الالتزام الجاد بما يتناسب مع هذا التاريخ..

كان والدي رحمه الله قاضيا ومؤرخا معروفا لديه العديد من المؤلفات التأريخية، في الوقت نفسه والدتي كانت محامية أي إنها درست القانون أيضا وكانت قريبة من الكثير من الأحداث في تأريخ العراق المعاصر في فترة الحكم الملكي خاصة، ولا بد أن يكون ذلك قد ترك أثرا كبيرا أيضا، فالتأريخ والقانون كان لهما حضور دائمي في كل جلسة عائلية، وقد أسهم ذلك في تكوين رؤية شمولية للأحداث ،فالتاريخ يأخذك من الرؤية الجزئية القاصرة إلى رؤية أوسع، والقانون يمنحك الحس العام بالالتزام وأهميته في حياة الفرد والأمم.. والدتي أيضا لها دقة ملاحظة في التفصيلات الصغيرة وربطها بما هو أكبر، كانت تهتم جدا بتأريخ الحضارات ومنتجاتها الثقافية والفنية المختلفة، وعندما كنا نسافر في الصيف لقضاء الإجازة - على عادة الطبقة الوسطى العراقية في السبعينات - كان المتحف هو محطتنا الأولى (لا السوق !)..

من المواقف التي تركت أثرا في ذهني من كثرة ذكرها وتكرارها، أننا أثناء زيارتنا مسجد القصر الأحمر في إسبانيا، و الذي صار كنيسة كما هو معلوم، وكان عمري آنذاك أربع سنوات فقط، كانت والدتي تبكي بهدوء و أخبرتني أن الأذان كان يرفع هنا لكنه تحول الآن إلى كنيسة، يومها أخذت أصرخ بأعلى صوتي “الله أكبر” كما لو كنت أغيظ الأمر الواقع ، وكان تصميم المسجد يتيح للصوت أن يتضخم بفعل الأصداء المتداخلة، وهكذا ترددت أصوات “الله أكبر” في كنيسة سانتا ماريا، تقول أمي إن الدم جمد في عروقها، لكن نظرات غاضبة حاصرتنا جعلتها تجرني ونخرج مسرعين.. كوفئت بعدها على ما فعلت، وكوفئت أكثر من قبل الأسرة في بغداد، كان يمكن أن يُنسى الأمر كما تنسى الكثير من الأحداث، لكن والدتي كانت حريصة على تذكيري بما فعلت بين الحين والآخر..

اكتشفت والدتي أن لي موهبة للكتابة في عمر مبكر ( السابعة أو الثامنة).. وشجعتني كثيرا، احتفظت بكل شيء أكتبه ( ولا يزال كل ذلك محفوظا في بغداد)..كانت أولى محاولاتي في الكتابة يوميات لطفل فلسطيني في قرية دير ياسين، تنقطع فجأة في يوم المذبحة.

تفاعل كل ذلك مع ظروف عامة مرّ بها العراق خاصة والأمة عامة ..مما لا مجال لذكره الآن…


8- من المعروف أن أبرز القضايا التي جندتَ نفسك لمواجهتها ودحض أخطائها ظاهرة (أدعياء التجديد) -كما تطلق عليهم - فمن هم هؤلاء؟ وماذا تريد منهم؟

لم أجند نفسي لمواجهة هؤلاء ، بل جندت نفسي لقضية أكبر بكثير، وكان هؤلاء بمثابة عقبة علي اجتيازها لكي أواصل الطريق، أي إن الحديث عنهم هو من باب “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب!”.. بعبارة أخرى كان من الضروري أن أضع خطا فاصلا بيني وبينهم وأن أحدد أنني لا أنتمي لهم ولمعسكرهم بوضوح، هؤلاء أساؤوا أكبر إساءة للتجديد لأنهم جعلوا الجمهور يسيء الظن بالتجديد ويخلطه بالتفلت، وكان التفلت هو جوهر تجديد هؤلاء، بالذات التفلت من كل الضوابط الشرعية، جوهر تجديدهم ولبه ومحوره كان الإلغاء غالبا.. إنهم يمررون بوضوح شديد ( وأحيانا بصراحة) مشروعا لبيراليا إلى الفكر الإسلامي عبر إلباسه شعارات إسلامية، رغم أن الحجر الأساس في هذا المشروع يتناقض مع ثوابت إسلامية واضحة.. لا يعني هذا أنهم مأجورون بالضرورة فالمشروع الليبرالي أشرب في قلوبهم و عقولهم ولعلهم يتصورون أنهم يحسنون صنعا وأنهم يقدمون للإسلام خدمة عظيمة عبر مشروعهم هذا.. لكن كذلك لا ينبغي أن نبالغ في حسن الظن، فبعض المؤسسات الغربية تدعم بعض هؤلاء بوضوح وتوصيات مؤسسة “راند ” تذكر بعض الأسماء التي ينبغي دعمها بصراحة.. لكن تصوري العام أنهم يتلقون ! الدعم بعد أن يصلوا مرحلة معينة من الثبات على مبدئهم .. المفاهيم الغربية لم تعد بحاجة إلى مفكرين – عملاء - بشكل مباشر لأنها مدعومة أصلا بقوة التجربة الغربية وسطوتها الإعلامية.. لكن كان لا بد من توجيه دعم وترويج لبعض هؤلاء المفكرين في مرحلة لاحقة..

إذا كنت تقصدين بالسؤال عنهم تحديد أسمائهم فهذا أمر لن يحدث، بعض هؤلاء معروف قطعا، ولكن البعض الآخر هو من طالبي الشهرة وسيستفيد من مجرد ذكر اسمه..


9- هلا تحدثنا عن منهجك وطريقة تعاملك مع الرأي الآخر؟

يعتمد الأمر على الرأي الآخر !..هناك “رأي آخر” في مسائل يتعدد فيها الصواب، وهو أمر عادي وطبيعي وكل ما ينقل في التراث من أقول للأئمة من قبول للخلاف وتسامح فيه مثل قول الإمام الشافعي“ما ناظرتُ أحدًا قط، إلا أحببتُ أن يوفَّق ويسدّد ويعان” كل ذلك يندرج في أمور فقهية يتعدد فيها الصواب ويتسع فيها مجال الخلاف..

وهناك “رأي آخر” ينتمي بصراحة إلى منظومة فكرية مختلفة ومغايرة تماما ( كأن يكون علمانيا صريحا أو ملحدا) والعلاقة بهذا الرأي واضحة أيضا، وبما أن المشترك قليل أصلا فإن الاحتكاك يكون محدودا لأن أي حوار يتطلب بناء لغة مشتركة..

مشكلتي الحقيقية هي مع رأيين آخرين ، الأول: “رأي آخر” بلا انتماء محدد، وبلا هوية واضحة، يتزلف “قبول الاخر” ويأخذ من كل منظومة فكرية ما يتناقض مع سواها ويتصور أنه بهذا يمتلك إرثا إنسانيا وأصحاب هذا الرأي غالبا حسنو النية ومغرر بهم بشعارات فارغة، الثاني: “رأي آخر” يبطن غير ما يظهر، و يحاول تمرير أفكار مضادة عبر وضع شعارات إسلامية فضفاضة..

وليس سرا أن علاقتي بالرأيين فيها أقل قليلا مما صنع الحداد..

أحب أن أنوه هنا إلى أني لست ممن يعتنقون مبدأ “قبول الآخر” ولي تحفظ شديد على طريقة استخدام المصطلح في بعض الأدبيات الإسلامية، لكني اكتشفت مثلا أني أكثر تقبلا للآخر بكثير من بعض الذين يتحدثون عن قبول الآخر طول الوقت لكنهم عمليا يرفضون كل آخر يخالفهم، خاصة عندما لا يكون هذا الآخر أشقر أو من أمة أخرى..

إنني ، على الأقل، لا أتناقض مع نفسي عندما أرفض قبول آخر أراه يتعارض مع ثوابتي ويحاول إلغاءها ، لأنني أصلا لا أدعي قبول الآخر.. أما هم فيسقطون في تناقض ولا أظنهم يخرجون منه..


10- ما تعريف التجديد الحقيقي برأيك؟ وما هي سماته وأركانه؟ وهل يحق لأي مسلم أن يجدد ويكون مجدداً؟

يعتمد الأمر على أي تجديد نتحدث، فالتجديد مصطلح واسع ولا يمكن أن نعرّفه إن لم نحدد المجال الذي نوجهه له، التجديد في الفقه مثلا أمر لا يمكن أن يحدث دون دراسة شرعية متخصصة، و دون أن يكون امتدادا لعملية تأصيل واضحة، وشروطه وضوابطه بهذا أعقد من التجديد في مجال الفكر الإسلامي مثلا، والتفريق بين الأمرين مهم جدا، وإن كان يخفى على الكثيرين للأسف مما يحدث خلطا وفوضى تزيد الأمور صعوبة للجميع..

التجديد في الفكر الإسلامي ضوابطه وشروطه أقل تعقيدا، فهو يتطلب الثقافة العامة والرؤية الشمولية أكثر مما يتطلب الدراسة المتخصصة، ولا يعني هذا أنه أسهل منالا من التجديد في الفقه أو علوم الحديث مثلا، لكن شروطه مختلفة..

بكل الأحوال، سواء كان التجديد في الفكر أو الفقه، فإن هناك حدودا مشتركة يجب أن يراعيها، و هو عدم التناقض الداخلي مع مشروع التجديد نفسه، وأن لا يتناقض مع نصوص صحيحة وثابتة..

بالنسبة لي، لا أفهم أي محاولة تجديدية أو مشروعا تجديديا ما لم يكن مرتبطا بنهضة الأمة وإخراجها مما هي فيه، لا أفهم أي قراءة جديدة للنص القرآني ما لم تكن مرتبطة بهذا، هناك بعض القراءات الجديدة تجعلني أفكر أن الإتيان بما هو جديد بالنسبة لأصحابها هدف بحد ذاته، وليس وسيلة لنهضة الأمة .. ربما لهم وجهة نظر في هذا، لكني لا أفهمها، لا أفهم التجديد إن لم يأت بمعنى يفعّل نهضة هذه الأمة.. ببساطة لا أستطيع التفاعل مع أي شيء آخر وأعد “التجديد من أجل التجديد” في هذا الوقت ترفا بل وربما أكثر..

هل يحق لأي مسلم ؟ لا أظن أن ذلك ممكن في العلوم المتخصصة، في مجال الفكر السؤال ليس “هل يحق؟” بل “هل يستطيع؟”…


11- تعقيباً على كلامك أنك لا تقبل أي مشروع تجديدي ما لم يكن مرتبطاً بنهضة الأمة، ألا يتطلب ذلك توحيد النظرة للنهضة التي يسعى إليها المجددون؟ وهل تسمح بتعريف دقيق للنهضة.

سؤال مهم للغاية، خاصة في الوقت الحالي الذي يتعرض فيه مفهوم النهضة للخلط مع مفهوم التنمية رغم الاختلاف الكبير بينهما..

من السهل “وصف النهضة” بكونها “روحاً تسري في الأمة” مثلا.. ولكن هذا محض توصيف و ليس تعريفاً.. النهضة في رأيي هي عملية “شروع ” في الخروج من الوضع السلبي لأمة ما باتجاه أداء دورها، أي إنها في مرحلة وسطى بين “الصحوة” و”الفاعلية”.. ويشبه ذلك كثيرا الأطوار التي يمر بها أي فرد في حياته اليومية بعد استغراقه في النوم، إنه يستيقظ أولا ، لكنه يبقى مستلقيا لفترة ما قبل أن ينهض، ثم إنه يستجمع طاقته ليترك فراشه وينهض..

قبل أن يذهب لممارسة نشاطه..

النهضة إذن هي رؤية شاملة تتطلب أولا ليس فقط الاعتراف بالسبات الذي مررنا به، بل بتحديد أسباب هذا السبات واقتلاعها من جذورها كي لا تجرنا دوما إلى نفس السبات والجمود في مرحلة لاحقة.. ويتضمن ذلك أيضا وجود رؤية واضحة لدور هذه الأمة ورسالتها وما تريد تقديمه لنفسها وللبشرية..

أقول ذلك وأؤكد أن هذه الرؤية قد تتضمن اقتلاع ما تآلف الناس معه وتعودوه بل وتصوروه أنه جزء من دينهم والدين ونصوصه منه براء .. عملية الاقتلاع هذه ليست سهلة إطلاقا خاصة عندما يتعلق الأمر بمفاهيم سائدة ومكرسة، وتتطلب حتما جهدا علميا وتأصيلا لهذا الاقتلاع، كما أنها في الوقت نفسه يجب أن تعزل نفسها عن المؤثرات الخارجية ومعايير الأمم الأخرى فيما يجب اقتلاعه وما يجب إبقاؤه.. بل يجب أن يكون احتكامها الوحيد لنصوصها الدينية التي تشكل العمود الفقري لهذه الأمة ونهضتها..



12- دارت حولك في مجتمع الفكر والثقافة مجموعة انتقادات فهل تسمح لي بذكرها وتتكرم بالرد عليها؟

· الانتقاد الأول: أحمد خيري العمري أديب وليس مفكراً.

يعود هذا إلى التصور الشائع إلى أن لغة المفكرين يجب أن تكون غامضة وعصية على الفهم لكي تكون عميقة، والحقيقة أن التعقيد في رأيي غالبا يخفي فقرا في الفكر، وكذلك فالمضمون يقَّنِّعُه البعض بالمفردات الصعبة والأسلوب الغامض لإيهام القارئ العادي أنه إن لم يفهم فإنما يعود ذلك إلى مشكلة فيه هو شخصيا وليس في أسلوب الكاتب..

للأسف الفكر الإسلامي، ومنذ ما بعد سيد قطب افتقد ضمن أشياء أخرى اللغة الأدبية الحية، فخسر القارئ، ولا أظنه ربح الفكر..

عموما، صفة الأديب تندرج حتما على أعمال مثل سلسلة “ضوء في المجرة ” و”أبي اسمه إبراهيم” و” ألواح ودسر”.. لكن الأمر ليس سواء في البوصلة والفردوس وكيمياء الصلاة..

علما أني لا أؤمن حقيقة بالفصل الكبير بين الاثنين، فالأدب في رأيي يجب أن يحمل فكرا، والفكر يجب أن يصاغ بأسلوب جميل أو واضح على الأقل..

· الانتقاد الثاني: تعبر عن فكرتك بأساليب عديدة وكثيرة حتى تجعل القارئ يقول: “فهمنا والله فهمنا”.

من قال إني أريد “فهم” القارئ؟” ..

الفهم سهل المنال، لكني أريد أن يتكرس هذا الفهم في وعيه ولا وعيه ويصير جزءا من بديهياته.. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يصير من خلالها الفهم وسيلة للتغيير، التكرار وسيلة لتكريس الفهم، وهو للعلم وسيلة مستخدمة في الكتاب الذي كان التغيير معجزة من معجزاته..

· الانتقاد الثالث: تتقن في كتاباتك ثقافة النواح والعويل من خلال تعداد الأخطاء في الفكر والقناعات والإشارة إليها، ممضياً الوقت في اقتلاع أعشاب الأمة الضارة دون أن تقدم مشروعاً تنويرياً واضحاً يكون كفيلاً بالإصلاح والنهضة…

لست واثقا أن مفردتي “النواح والعويل” يمكن استخدامهما في هذا السياق، لا أفهم على الإطلاق كيف يكون النواح وسيلة لاقتلاع الأعشاب الضارة!..

على العموم من يقول ذلك لا أظنه قرأ لي البوصلة القرآنية أو كيمياء الصلاة.. فمقابل كل نقد لفهم سلبي للنص الديني، هناك فهم إيجابي بديل في البوصلة.. أما الكيمياء فالرؤية بمجملها تعتمد على تقديم مفهوم إيجابي لكل تفصيلة من تفصيلات شعيرة الصلاة..

· الانتقاد الرابع: محاربتك لمن تسميهم: “أدعياء التجديد” ما هي في حقيقتها إلا محاربة للتجديد نفسه، فأنت كاتبٌ تراثيٌّ تمجّد الماضي وأهله، وتغلق الباب أمام اجتهادات الإصلاح والتنوير.

من الأخير كما يقال: أفضِّل ألف مرة التراث بكل تحفظاتي عليه، على الإصلاح والتنوير إذا كان مجرد شعار براق يمرر التفلت والانحلال.. ( وأتحفظ أصلا على كلمة التنوير واستخدامها السائد حاليا!! )..كذلك يفضل قرائي..

لكني أحاول أن أجد طريقا ثالثا لا يمر بسلبيات ما تراكم من أفهام حول التراث، ويجد طريقه إلى البناء والنهضة، دون أن يمر بعثرات وسلبيات التجارب الأخرى.. وكذلك يأمل قرائي..!..

و للحوار بقية يمكن الاطلاع عليها في كتاب” صانع الانفاق”….

 
الاسم :
الايميل :
الدولة :
عنوان التعليق :
نص التعليق :



أدخل الرمز :


 


جاري التحميل ...