بنات وأبناء العم الكرام: يمكن لمن يود دفع صدقة الفطر أو زكاة المال لصندوق العائلة، الاتصال مع أحد أبناء العم: غسان 0932215552 ، مؤيد 0933241214 والتنسيق معهم. جزاكم الله كل خير، وكل عام وأنتم بخير. لجنة عائلة القدسي الحسيني.
نرحب بكم في موقع عائلة القدسي الحسيني في مدينة دمشق.
نرحب بمساهماتكم البناءة، سواء كانت مقالات فكرية أو أدبية أو شعرية، أو أخبار وطرائف جديدة.

بحث عن مهنة
بحث عن اسم
 بنات عمي محمد كامل، د. لينا وهانية القدسي حجاً مبروراً : امل القدسي   |   إليك يابنت العم مها أم ياسين أحلى الدعوات وأصدقها، مباركة قدوم حفيدك الجديد (عبد الله بن بشار حباب)، أقر الله عيونكم به، وأمدك بالصحة والعافية : امل بنت مكرم   |   إلى الشباب والشابات، أبناء العم الذين بدؤوا عامهم الجامعي الأول courage : امل القدسي   |   أولادي: مبروك نجاح المعتز بالله بن محمد ماهر في البكالوريا التجاري، ونجاح ممدوح بن محمد ماجد في البكالوريا العلمي : جمانا المهدي   |   ألف مبروك ياهانية ( أم هيثم ) نجاجك بالبكالوريا : لينا القدسي   |   ألف مبروك بمناسبة نجاح أختي هانية بشهادة البكالوريا : زياد القدسي   |   مبارك لإبن العم عبد الرحمن بن رضوان القدسي نجاحه في البكالوريا بدرجات عالية : علا القدسي   |   مبارك نجاح أبناء صادق القدسي/ لينا في البكالوريا/ وجعفر ومحمد في التاسع : الدكتور أيسر القدسي   |   ألف مبروك نجاح نور فاطمه بنت محمد ماهر في الثانوبه التجارية، وكل أبناء وبنات العم جميعاً : المعتز بالله    |   تحية إلى آل القدسي، تحية إلى عائلتي المحترمة، وأنا سعيدة بوجودي معكم، وأتمنى التواصل معكم : رنيم قدسي   |   نشكر كل من ساهم في إنجاز هذا العمل الرائع الجميل.، والتقدير العالي للسادة الذين عملوا على إنجاز هذا الموقع، لأنه بالفعل مفخرة لعائلة القدسي و عز وشموخ و تكريم لنا جميعاً، والشكر الجزيل والتقدير لكل من عمل في هذا الموقع، أنا سعيد جداً بكم، والله شئ جداً عظيم، سلامي إلى كل أفراد عائلة القدسي و أولاد العم الكرام في دمشق الحبيبة و حلب : محمد عيسى محمد مصطفى القدسي الحسيني / القدس فلسطين   |   سلامي إلى جميع عائلة القدسي في دمشق و حلب، ابن عمكم من القدس مقيم في إيطاليا. Aalkasswara@alice.it : محمد عيسى محمد مصطفى القدسي الحسيني / القدس فلسطين   |   ألف ألف مبروك التخرج حبيبتي وصديقتي هنادي بنت هاني، وإن شاء الله منشوفك عروس : ولاء ريحاوي   |   ألف مبروك لأختي هالة القدسي بالمولود الجديد تيم منصور : هنادي هاني القدسي   |   حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً، تقبل الله طاعتكم الأخت الحاجة سناء القدسي وزوجها سامر القصار : سهله القدسي   |   أتقدم لأبناء العم بالتهاني القلبية بمناسبة عيد الأضحى المبارك, كل عام والجميع بألف خير : الدكتور أيسر القدسي   |   أهنئ ابنتي علا بنجاحها بالصف التاسع الشرعي بعلامات جيدة، وأرجو لها دوام التقدم والنجاح : أم علا محمد محمد نادر القدسي    |   أبارك نجاح ضياء القدسي إلى الصف السابع : عمة سوسو   |   إهداء للقائمين على الموقع، "كلمة شكر" على التطور الملحوظ، وإلى الأمام دائماً إن شاء الله، ونداء لأبناء وبنات العم "كلمة عتاب" لافتقادنا لمساهماتهم ومشاركاتهم في موقعهم هذا : محمد   |   أبارك لأختي سناء حفيدها اللذيذ، عقبال الجميع، سهلة القدسي :    |   أبارك لأسرة الموقع التعديلات الأخيرة التي أجرتها على الموقع، مع تمنيات التوفيق والنجاح : مهند أورفلي :    | 
مساهمات القراء

عن غض البصر، من واشنطن!

مقال للدكتور أحمد خيري العمري :

عندما طلب مني أحد قرائي الشباب أن أكتب عن غض البصر قبل حوالي سنة، وعدته خيراً من باب المجاملة لا أكثر.. لم أكن أدرك قطعا أني سأضطر للوفاء بوعدي ولو كنت في واشنطون، بالضبط كما لم أتصور قط يوم ذهبت إلى ميريلاند لحضور محاضرة "شبابية" أن موضوعها الأساسي سيكون عن غض البصر..

يومها اتصل بي صديق يعرف اهتمامي بأمور الشباب عموما وبالذات شباب "الجيل الثاني" من مسلمي أمريكا، وسألني إن كنت أرغب في حضور محاضرة للشباب المسلم وعن الشباب المسلم في كلية مونتغمري في ولاية ميرلاند، ولاختصار الوقت فقد انتظرته لكي يمر علي على المحور الذي يربط أجزاء ما يعرف بواشنطون الكبرى ( واشنطون العاصمة مع أجزاء من فرجينيا وميريلاند).. لم أكن أدري أني سأكون على موعد مع ما هو أكثر من المطر الذي فاجأني وقتها.. بل مع موعد مع جزء كبير من مشاكلنا كمسلمين في كل مكان .. في الغرب أو في الشرق.. في أمريكا في أي بلد من بلداننا..

وصلنا متأخرين قليلا، ولكن لم تفتنا مشاهدة أول المتحدثين .. كان شابا في أواسط العشرينات من العمر، له طلة الدعاة الجدد في بلادنا ولكنه مثال حي على كون الطلة وحدها لا تصنع الدعاة، فالتشابه بينه وبين الناجحين منهم ينتهي بحسم عند الطلة والوجه الحسن والابتسامة التبشيرية، بعدها ستسمع حديثا ستستنكره (حتى لو سمعته في بلداننا !) وسيكون الإنكار والاستنكار أكبر عندما يكون الحديث موجها لشباب مسلم في أمريكا: أي لشباب يفترض أن يوجه لهم خطابا يقويهم ويساعدهم في تنمية قدراتهم كمواطنين أمريكيين ومسلمين في الوقت ذاته..

المتحدث اختار لدرسه أن يكون بشكل "قصة".. لا بأس.. المهم المضمون، لكن المشكلة كانت في المضمون نفسه، أزعم هنا أن القصة لو رويت لمجموعة من المتخلفين عقليا لربما استنكروا شدة تخلفها وانتبهوا للأخطاء فيها.. مرّ علي بعض الوقت وأنا أستمع للقصة متخيلاً أنه سيطلب من الحضور بعد أن ينتهي أن يعددوا له الأخطاء التي وقع فيها (أي كي يكون الدرس تفاعليا..) لكني كنت حسن الظن أكثر مما يجب.. إذ لم تكن لديه نية من هذا القبيل إطلاقا..

القصة باختصار تحكي أن شابا عفيفا يغض بصره ويحفظ القرآن ويسكن في مكة المكرمة قرر أن يتركها ويهاجر من أجل الدعوة، ركب السفينة من ميناء مكة (هكذا !!) وكما هو متوقع تعرضت السفينة لعاصفة وغرق جميع الركاب إلا هو حيث تعلق بخشبة قادته إلى شاطئ البحر، وهناك أخذ يتلو القرآن بصوت رخيم وتجمع عليه السكان الذين سروا به جدا لأنهم مسلمون ولكن ليس هناك بينهم من يقرأ القرآن أو يحفظه.. وأخذوه بسرعة إلى ابنة الملك التي كانت قد استلمت الحكم للتو بعد وفاة والدها وتحتاج في أسرع وقت إلى زوج ليكون الملك!!! وهكذا قررت أن تتزوجه وأن يكون هو ملك البلاد المتوج، إذ من سيكون ملكاً أفضل من شخص يحفظ القرآن ؟.. وهكذا تم الزفاف في نفس اليوم وسط فرحة السكان.. وانتقل الشاب العفيف من السفينة الغارقة إلى قصر الملك في يوم واحد فقط.. أما المفاجأة الكبيرة فكانت في الخاتمة: فبعد انصراف الجميع واختلاء الشاب بزوجته الملكة التي خلعت النقاب أخيرا.. وإذا بالنقاب يتكشف عن صاحبة أجمل وجه في العالم .. و! إذا بدموع زوجها تنهمر من عينيه من شدة الفرح!!!

العبرة من كل هذه القصة واضحة: احفظ القرآن وغض بصرك وسنتتهي إلى أن تكون ملكا أو تتزوج من ملكة جمال على الأقل.. والعبرة هنا ليست خاطئة وسطحية فحسب، بل هي مؤذية وسلبية أيضاً، لأنها تعطي رسالة تسطيحية جدا عن كل شيء: عن المقاصد من التكليف وعن كون الجزاء دنيوياً وفورياً بل وحتى عن الجمال باعتباره مظهرا خارجيا يجعل الدموع تنهمر..( هذه بالذات لم أفهمها بصراحة!!)

أكرر مرة أخرى: هذه القصة رويت على أسماع مجموعة من الشباب الجامعيين المسلمين الذين يعيشون في عاصمة الدولة الأقوى (حاليا ) في العالم.. ومتطلبات الفاعلية في هذا المجتمع أبعد ما يكون عن مضمون تلك القصة .. هذا عدا عن مخالفة هذا المضمون الصارخة لكل ما جاء به الإسلام.. أنهى الأخ درسه بأبيات لا تصلح حتى لبريد القراء كتبها في زوجته..

كان هناك بعض المجاملات الفاترة بعد أن انتهى من درسه، والتفاعل الواضح الوحيد كان من سيدة أفغانية متقدمة في السن حضرت المحاضرة مع ابنتها الشابة..

المتحدث الثاني كان أفضل بما لا يقاس، لكنه أفضل بمقاييس لست واثقا أنها كافية لمواجهة الضغوطات التي يعانيها الشباب والشابات عموما، وفي الغرب وأمريكا خصوصا..

بعبارة أخرى: كان "غض البصر" هو المحور الأساسي لأغلب إجاباته عن تساؤلات الشباب في موضوع صراعهم مع شهواتهم ومع التحديات التي تواجههم..

التفتُّ لأتفحص الحضور: كانوا شبابا وشابات في أعمار لا تتجاوز العشرين، عددهم لم يتجاوز الثلاثين ( من أصل 400 مسلم موجود في الكلية، وكلهم مسلمون أمريكيون بالولادة أو التجنس).. نجد فيهم المحجبة والسافرة بتحفظ والسافرة بلا تحفظ والملتحي بتحفظ والملتحي بلا تحفظ والحليق والحليق جدا..الخ.

من الخارج ستجدهم يشبهون الشباب في بلادنا، لكن الأمر لا يعدو تشابها سطحيا، فالشباب الذين يمتلكون نفس المظهر في بلادنا هم "متأمركون ".. أما هؤلاء فهم أمريكيون، والفرق كبير جدا بين الحالتين وإن كنت لست في صدد الخوض فيه الآن..

استطعت أن أمد جسور الحوار مع أحد هؤلاء الشباب.. لست واثقا من أنه كان حوارا بقدر ما كان استدراجا واستجوابا حول مواضيع تهمني معرفتها ليس من الكتب أو من الإحصاءات أو من تحليلات البرج العاجية، بقدر ما أحصل عليها ممن يعيشونها ويعانونها على أرض الواقع..

كان شابا قال إن اسمه "شان"، اتضح لي لاحقا أن اسمه الأصلي احتشام، باكستاني المولد، جاء إلى أمريكا مع أسرته وهو في الثامنة من العمر، وصار أمريكيا بالتجنس- على الأقل..

سألته وأجابني، وواصلنا حوارنا لاحقا عبر مكالمات هاتفية طويلة، كان سؤالي الأول له هو هل شعرت أن المحاضرة تقدم لك الحلول؟ هل تشعر أن "غض البصر " سيكون حلا لشباب مسلم في أمريكا في العشرين من عمره أو دون ذلك..؟

كنت أتوقع الجواب السلبي لكن لم أتوقع أبدا ما سمعته..

كان جوابه صادما...

قال لي بلا تردد : لو أني قمت بغض البصر عن الفتيات، فسيتصور الجميع هنا أني شاذ جنسيا!

كلامه منطقي جدا، لكنه لم يخطر في بالي قط، هذه أمريكا، ليست دمشق ولا بغداد ولا جدة ولا القاهرة.. الشاب عندنا، في مجتمعاتنا، يواجه ذلك الاستفزاز اليومي غير الطبيعي لشهواته وغرائزه الطبيعية بدرجة قد تختلف من مدينة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر: لكن الاستفزاز موجود ومدعوم بشحنة إعلامية لا يمكن إنكارها.. ( ولا أنسى هنا ذكر الشابات أيضا، فالاستفزاز سواء..).

ولكن الشاب عندنا لا يزال يمكنه – بصعوبة، أقر بذلك- أن يغض البصر ويتحصن بالأمر الشرعي.. دون أن يتهم من قبل أقرانه "بالشذوذ الجنسي".. ستكون هناك أقوال أخرى متهكمة ( مُطوَّع ؟ معقد ؟ شيخ ؟ ) ولكن الأمر لن يصل لاعتباره شاذا (آمل أن أكون على صواب.. وأن التدهور لم يصل لهذه النقطة بعد)... هناك عموما "تفهم" للأمر ناتج عن معرفة مسبقة بالأمر الشرعي ولو حتى مع عدم الالتزام بالأمر..

لكن هذه أمريكا: الأمر هنا غريب لهذه الدرجة، ولا علاقة له بكون الدين السائد هو دين آخر غير الإسلام، لأننا نعرف أصلا أن تعاليم السيد المسيح بهذا الشأن (التي لا تزال موجودة في الإنجيل المتداول ) أشد مما هي عندنا، ولكن الدين كله تم وضعه في زاوية معينة وظيفته الأساسية هي التخفيف من ضغوط الحياة المعاصرة لا أكثر ولا أقل ( وهي نفس الزاوية التي يسعى البعض لجعل الإسلام فيها )، وبالتالي فان الحديث عن غض البصر لن يكون له موقع من الإعراب في وظيفة كهذه.. وهكذا فان شابا أمريكيا مسلما قد يتمكن من الإفلات من الزنا، ومن " المواعدة"، ومن ضرورة أن يكون له صديقة، ولكن أن "يغض بصره " كلما مرت فتاة، ومع سبق الإصرار والترصد، فانه سيضع نفسه أمام محيطه وأقرانه في وضع حرج: سيعدون وضعه غير طبيعي: إما شاذ جنسيا.... أو "لا شيء " جنسيا .. لكن أحدا لن يفهم أنه يحاول الالتزام بأوامر دينه، وأنه يحاول قدر الإمكان إبعاد الحطب عن نيران غرائزه..

والوضع الطبيعي لأي شاب طبيعي – عندما يواجه تهمة "اللاشيء "جنسيا هي أن يثبت العكس، كما يكون الأمر أشد وطاة عندما يتهم بالشذوذ، فإنه سيحاول حتما أن يثبت العكس بطريقة أشد..

جوابه هذا، على بساطته أنهى الأمر بالضربة القاضية، لم يعد هناك ما يقال بعدما قال ما قال..

بعبارة أخرى، من بين كل ما يمكن غض النظر عنه، فإن ملاحظة هذا الشاب لا يمكن غض النظر عنها إطلاقا..

كنت أعرف أن هناك ميلا عند الناس للظهور بأفضل مظاهرهم وأحوالهم عند مقابلتهم لرجال الدين، وينعكس هذا على أسئلتهم التي ستبدو غالبا تدل على تقوى ( مولانا ما هو الوقت الأنسب لصلاة الضحى؟!!) وهذا الميل للأسف يقدم معطيات غير دقيقة لرجال الدين هؤلاء ويقدم لهم صورة متفائلة عن الوضع العام لجمهورهم، ولا أزال أذكر داعيا وشيخا معروفا (ألقابه تتضمن بالإضافة إلى هذا لقب العلاّمة) قال على شاشة التلفاز مرة عن إيمانه الجازم بأن تسعين في المائة من المسلمين محافظون على صلاتهم ولا يقترفون الكبائر.. وبغض النظر عن الخطأ الفادح في الرقم فإنه علينا أن ننتبه إلى أن إحاطة المشايخ من قبل ناس معينين (لديهم درجة معينة من الالتزام وبالتالي نوع معين من الأسئلة) تسهم في جعل بعضهم يعيشون في عالم أكثر مثالية من العالم الحقيقي (ما دامت أخطر الأسئلة هي عن العادة السرية فهذا يعني أنه لا أحد يزني !!، هذا عدا عن الكبائر الاخرى! التي لا يتحدث عنها احد مثل أن تمضي حياتك دون أن تفعل شيئا على الاطلاق.)..

كل هذا كنت أعرفه وكنت أتصور أن أجواء الانفتاح في الحوار في الغرب ستجعل الأمور أكثر وضوحا للشيوخ والدعاة العاملين هناك، قلت لشان: لِم لم تخبر الشيخ بذلك بعد انتهاء الدرس، لِم لم تخبره أن الشاب منهم سيتهم بالشذوذ إذا غض بصره عن الفتيات..؟؟

أشار ببساطة إلى الشباب الباقين، قال لي إنهم سيتهمونه بقلة الالتزام ويسكتونه فورا.. (إذن الأمور عندنا كما عندهم، وبينما ثبتت براءة النعامة من دفن رأسها في الرمال عند استشعار الخطر فإني لست واثقا من براءتنا نحن..)

تساءل شان عن إمكانية "غض البصر " مع زميلة تشاركه في التجارب المخبرية في الكلية، أو تشاركه في كتابة تقرير، وفي الحالتين لم يختر مشاركتها أو سواها، ولا يمكن له أن يحول الأمر إلى "دراما" بطلبه أن يكون مع زميل ذكر أو أن يكون وحده، تساءل عن إمكانية "غض البصر" في مجتمع يعتبر أن التواصل بالعين eye contact أساس من أساسات التواصل والتفاهم.. بل ويعد من دلائل الثقة بالنفس في مجتمع يقدس الثقة بالنفس!..

"شان" قال أشياء أخرى كثيرة ولعل المجال لا يتسع لها هنا، و"غض البصر" جزء يسير جدا من التحديات التي تواجه الشاب المسلم الملتزم في الغرب (وفي مجتمعاتنا السائرة بخطى متسارعة نحو تغريب يستورد أسوأ ما في الغرب خاصة)..

لكن علينا أن لا نقلل على الإطلاق من أخذ هذه التحديات على محمل الجد، ومن جعل التجديد في النظر للأمر الشرعي متوزانا بطريقة لا تعجز الشاب ولا تخرج عن الأمر الشرعي في الوقت ذاته: فلننتبه هنا إلى أن المشكلة الأساسية في "النظر" هي في الخيال الذي يعقبه، ووسائل الإعلام تشحن هذا الخيال وتجعل من الآخر ( الأنثى أو الذكر) كائنا جنسيا فحسب لا هم له سوى الجنس والجنس القذر تحديدا وهذا الأمر يكون أكثر تأثيرا على نظرتك للمرأة التي لا تعرفها ( أي النسوة اللواتي تراهنّ في الطريق أو في وسائل المواصلات ولا تملك حوارا معهن ) بينما الأمر مع من تعرفهنّ وتحتكّ بهنّ في العمل يكون أقل تأثيرا لأنك ببساطة" تعرفهن" وتعرف أنهنّ لسن "هكذا"..(الشيء ذاته ينطبق على الذكور بالنسبة للإناث)..و لا يعني هذا عدم الابقاء على حواجز و حدود واضحة في التعامل ، و لكن الخطر هنا لن يكون من مجرد النظر بل من أشياء اخرى لذا فأن غض النظر وحده لن ي! زيحها.

بعبارة أخرى يجب التفريق بين "النظر" في التعامل الحتمي مع الجنس الآخر في مؤسسات التعليم والعمل المختلفة وبين النظر غير الحتمي في الطريق أو سواه.. الأول سيتضمن حتما التواصل بالعين بطريقة تلقائية ( ولا داعي لإنكارها أو إنكار حتميتها، حتى الشيخ الذي كان يعطي الدرس كان يرد على أسئلة الفتيات وينظر لهنّ أثناء ذلك ) ولكن التنظير الفقهي لذلك لا يزال متأخرا عن الممارسة وهذا ما يجعل الأمر يبدو متساويا مع النظر غير الحتمي والذي يحمل الحطب الفعلي إلى نيران الخيال والشهوة.. أي الحالة الثانية التي أتصور أن غض النظر يجب أن يوجه لها بشكل حاسم.. والتوازن في كل ذلك سيقدم بديلا منطقيا عن جهود أدعياء التجديد التي تحاول إباحة التفلت تحت مسميات مختلفة (من إباحة القبلة للتخفيف عن الضغوط الجنسية! وصولا إلى إباحة الزنا نفسه تحت مسمى ملك اليمين) .. وهي ال! أقوال التي "تستثمر" أزمات الشباب ومعاناتهم أكثر مما تحاول مساعدتهم..

سيقول البعض إن هذه سفاسف تفصيلية تجاوزها الزمن وإن "غض البصر" سقط بالتقادم.. لكن دعونا نتذكر: "الأمر" جاء في القرآن الكريم، وليس عبر حديث مختلف في صحته أو أقوال فقهاء لكي نغض النظر عنها..

إنه القرآن.. وإذا كنا نؤمن حقا بأنه صالح لكل زمان ومكان، فعلينا أن نجد دوما امتدادات معانيه وآفاقها في واقعنا، مهما بدا الأمر للوهلة الأولى خارج فترة الصلاحية..

فلنتذكر هنا أيضا أن "غض البصر" وسيلة للتقوى وليس التقوى بحد ذاتها، لذلك جاء السياق القرآني "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" الحديث عن المؤمنين، وليس عن الذين آمنوا، والفرق أن الإيمان هنا صار صفة ملازمة لهم، صار وسيلة تعريفية لهم، وليس مجرد فعل ماض ارتبطوا به..

الفرق هو الإيمان الحقيقي، الإيمان بوصفه قضيةً للحياة، الإيمان الذي هو المحرك الداخلي الذي يجعل الأشخاص يبدعون وينتجون ويلتزمون، هذا الإيمان –وحده- ولا شيء سواه، يمكن أن يجعل الإنسان يترفع عن شهواته، لا أقول أن يدخل في رهبانية حرّمها الإسلام أصلا، ولكنّ إنسانا كهذا سيتمكن من غض بصره عن ما حرم الله، لأن رأسه يحلق في أفكار وقيم أعلى بكثير.. لقد ارتفع بفكره، فتمكن من غض بصره..

بعبارة أخرى، أولئك الشباب الذين تحتدم أمورهم فسلجيا في مواجهة كل هذا الاستفزاز المتعمد الذي يستنزف خيالهم وقواهم، هؤلاء يحتاجون أن نضع في رؤوسهم إيمانا بنهضة ما، إيمانا بنهضة تستمد جذوتها من القرآن الكريم.. عندها ستكون أمورهم أقل احتداما..

أي حديث يركز على "غض البصر" دون أن يمر بما سبق يشبه المفاصلة على مواصفات إطار سيارة، قبل شراء السيارة نفسها...

 
الاسم :
الايميل :
الدولة :
عنوان التعليق :
نص التعليق :



أدخل الرمز :


 


جاري التحميل ...